العودة الى الصفحة الرئيسية

حديث «لولاك»


من الأحاديث المشهور، بل كاد أن يكون متواتراً، من طرق الشيعة، بل وعند السنّة، أنّه ورد في الحديث القدسي في ليلة المعراج: قال الله تعالى: «يا أحمد، لولاك لما خلقت الأفلاك».

وعن ابن عساكر عن سلمان: قال رسول الله: هبط جبرئيل عليّ فقال: إنّ ربّك يقول إن كنت اتّخذت إبراهيم خليلا فقد اتّخذتك حبيباً، وما خلقت خلقاً أكرم عليّ منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لاُعرّفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا (1).

في الدلائل والحاكم والطبراني والعسقلاني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن عمر بن الخطّاب عن رسول الله قال: لمّا اقترف آدم الخطيئة قال: ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي، فقال تعالى: يا آدم، وكيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال: لأنّك يا ربّ لمّا خلقتني بيدك، ونفخت فيّ من روحك فرفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فعلمت

____________

1- الزاهب اللدنيّة 1: 12، تهذيب تأريخ دمشق 1: 323.

 

أنّك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق لديك، فقال تعالى: صدقت يا آدم إنّه لأحبّ الخلق إليّ، فقال تعالى: وإذا سألتني بحقّه فقد غفرت لك، ولولا محمّداً لما خلقتك(2). وزاد الطبراني: وهو آخر الأنبياء.

وفي المواهب من طرق العامّة روي أنّه لمّا اُخرج آدم من الجنّة رأى مكتوباً على ساق العرش وعلى كلّ موضع من الجنّة اسم محمّد (صلى الله عليه وآله) مقروناً باسم الله تعالى، فقال: يا ربّ، هذا محمّد من هو؟ فقال الله: هذا ولدك الذي لولاه لما خلقتك، فقال: يا ربّ، بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد، فنودي يا آدم: لو تشفّعت إلينا بمحمّد في أهل السماوات والأرض لشفّعناك(3).

وفي خبر آخر قرن اسم عليّ مع محمّد، وفي آخر: محمّد رسول الله أيّدته بعليّ.

وفي الدلائل بأسانيده عن عمر بن الخطّاب في ذيل قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَات}(4)، قال آدم: أسألك بحقّ محمّد وآله إلاّ غفرت لي، فتاب الله عليه وقال: ولولا هو ما خلقتك.

وفي الخصائص العلويّة عن ابن عباس في حديث: ولمّا نفخ في آدم من روحه تداخله العجب فقال: يا ربّ خلقت خلقاً هو أحبّ إليك منّي؟ فقال تعالى: نعم ولولاهم ما خلقتك، فقال: يا ربّ أرنيهم، فرفعت الملائكة الحجب فرأى آدم بخمسة أشباح قدّام العرش فقال: يا ربّ من هؤلاء؟ قال تعالى: هذا نبيّي وهذا

____________

2- كنز العمّال 6: 114، دلائل الإمامة 5: 489، المستدرك 2: 615، المواهب 1: 43.

3- المواهب 1: 12.

4- البقرة: 37.

 

عليّ أمير المؤمنين ابن عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وهذه فاطمة بنت نبيّي، وهذان الحسن والحسين أبناء عليّ وولد نبيّي، ثمّ قال: يا آدم هم ولدك، ففرح بذلك، فلمّا اقترف الخطيئة قال آدم: أسألك بمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين لمّا غفرت لي، فغفر الله له فلمّا هبط إلى الأرض، فنقش على خاتمه: محمّد رسول الله، عليّ أمير المؤمنين، ويكنّى آدم بأبي محمّد(5) وأبي البشر، وكنية حوّاء اُمّ الزهراء.

ومن طرق الإمامية ما رواه الصدوق في الإكمال بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله: فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال (عليه السلام): يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا عليّ وللأئمة من بعدك، فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا، يا علي، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتا، يا عليّ، لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ولا الجنّة ولا النار ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزّ وجلّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لأنّ أوّل ما خلق الله عزّ وجلّ أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثمّ خلق الملائكة، فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا اُمورنا، فسبّحنا لتعلم الملائكة إنّا خلق مخلوقون وأنّه منزّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا ونزّهته عن صفاتنا، فلمّا شاهدوا عظم شأننا، هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ الله

____________

5- تفسير البرهان 1: 89، عن الخصائص العلويّة، تأويل الآيات 1: 27، والبحار 26: 325.

 

وأنّا عبيد ولسنا بآلهة، يجب أن نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلاّ الله، فلمّا شاهدوا كبر محلّنا كبّرنا الله لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن ينال، وأنّه عظيم المحلّ، فلمّا شاهدوا ما جعله الله لنا من العزّة والقوّة، قلنا: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فقالت الملائكة: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله، لتعلم الملائكة ما يحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نِعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله، فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده، ثمّ إنّ الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) وأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً، وكان سجودهم لله عزّ وجلّ عبوديّة، ولآدم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون(6).

____________

6- مكيال المكارم 1: 33.



العودة الى الصفحة الرئيسية