المكانة الرفيعة لبيت الزهراء (عليها السَّلام) في القرآن والسنّة
نزل قوله سبحانه: (في بُيُوت أَذِنَ اللّه أَنْ تُرفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)(1) على قلب سيد المرسلين وهو (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في المسجد الشريف،
____________
فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول اللّه؟ قال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول اللّه: أهذا البيت منها؟ ـ مشيراً إلى بيت علي و فاطمة عليمها السَّلام ـ قال: «نعم، من أفاضلها» (2)
فقوله سبحانه: (في بيوت) ظرف لما تقدمه من قوله (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاة فِيها مِصْباح المِصباح في زُجاجة...)(3) فالنور الذي نوهت به الآية بما له من صفات، مصدر إشعاعه هذه البيوت التي أذن اللّه أن ترفع، فكيف لا يكون لها منزلة وكرامة.
قال السيوطي: أخرج الترمذي وصححه، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه من طرق عن أُمّ سلمة (رضي الله عنها) قالت: في بيتي نزلت: (إِنّما يُريدُ اللّه لِيذهبَ عَنْكُمُ الرِّجْس أَهْل البَيْت) وفي البيت فاطمة، و علي و الحسن، والحسين (عليهم السَّلام)، فجلّلهم رسول اللّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بكساء كان عليه، ثمّ قال: «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
وقال أيضاً: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس: انّ رسول اللّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كان يمرّ بباب فاطمة (عليها السَّلام) إذا خرج إلى صلاة
____________
2. الدر المنثور:6/203، تفسير سورة النور; روح المعاني:18/174.
الفجر، ويقول: «الصلاة يا أهل البيت الصلاة (إِنّما يريدُ اللّه لِيذهب عنكمُ الرِّجس أَهل البيت وَيُطهّركُمْ تَطهيراً)(4)
فإذا كانت هذه منزلة البيت وكرامته عند اللّه، فيعد اقتحامه وكشفه من أكبر الذنوب وأقبحها.
لكن لم تُراعَ وصية النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في احترام هذا البيت وأهله، وشهد حوادث مريرة تعرض لها جمع من المؤرخين والمحدّثين ننقل نصّ أقوالهم حسب التسلسل الزمني.
والمؤرخون في المقام على طائفتين:
فطائفة تعرضت لمحاولات الترويع والت آمر المبيّت والنوايا الخبيثة.
وطائفة أُخرى أشارت بمزيد من التفصيل لتلك المحاولات وما أعقبها من حوادث.
وخصصنا الفصل الأوّل لذكر أسماء الطائفة الأُولى وأقوالهم، كما خصصنا الفصل الثاني لذكر أسماء الطائفة الثانية وأقوالهم.
____________
4. الدر المنثور:6/604 ـ 605، ط دار الفكر، بيروت; المصنف:7/527.